الإدارة الإلكترونية المغربية
المقدمة:
إن ما تشهده الألفية الثالثة من نمو متسارع في المعطيات المعرفية و التقنية والمعلوماتية وانتشار شبكة الانترنيت وغيرها على نحو متسارع، أدى إلى تغير جدري في ممارسة المهام الإدارية، إذ أصبحنا نسمع مصطلحات مثل الإدارة الإلكترونية، والحكومة الإلكترونية و النقود الإلكترونية والتجارة الإلكترونية و التعليم الإلكتروني، وغيره من المفاهيم الحديثة، حيث يبدو أن تحسين الأداء في الإدارة لن يتم بدون الثورة االإلكترونية. فما هي إذن الإدارة الإلكترونية ؟
الإدارة الإلكترونية هي تحويل كافة الأعمال و الخدمات الإدارية التقليدية من طول الإجراءات واستخدام الأوراق، إلى أعمال وخدمات إلكترونية تنفد بسرعة عالية ودقة متناهية، باستخدام تقنيات الإدارة ، وهو ما يطلق عليه إدارة بلا أوراق. فهي وسيلة لرفع مستوى أداء الإدارة لتحقيق الكفاءة و الفعالية ، وليست بديلا عنها ولا تهدف إلى إنهاء دورها، وهي إدارة بلا ورق إذ تستخدم الأرشيف الإلكتروني والأدلة والمفكرات الإلكترونية والرسائل الصوتية. وهي إدارة بلا مكان وتعتمد وسائل الاتصال الحديثة ، كما أنها إدارة بلا زمان، إذ تعمل 24ساعة –7 أيام -365 يوما في السنة ، أي أن العالم يعمل في الزمن الحقيقي 24 ساعة. بحيث تقوم على أحدث وسائل الإتصال التي تتطلب بنية تحتية مناسبة وقادرة على إستعاب المستجدات في هذا المجال، إضافة إلى موظفين يتمتعون بقدرات وعـقليات متفتحة للتعامل مع هذه التقنيات الحديثة. فلابد من توظيف العناصر الماهرة وإشاعة ثقافة التدريب، ونشر الثقافة الإلكترونية المبسطة و المتقدمة، وبالمقابل أيضا لابد وأن يكون المواطنون أو المتعاملون مع الإدارة قادرين على استخدام االتقنيات الحديثة و أن يقدموا معاملاتهم عبر الانترنيت أو الهاتف النقال، لذلك وجب توعيتهم بفوائد الإدارة الإلكترونية و فوائدها.
و قد ظهرت البدايات الأولى لهذا المفهوم، في أواسط الثمانينات في الدول االسكندنافية، حيث تم ربط القرى البعيدة بالمركز وأطلق عليها اسم القرى الإلكترونية، ويعد لارس Lars من جامعة ادونيس Aodneiss في الدنمارك رائد هذه التجربة و سماها مراكز الخدمة عن بعد. بالإضافة إلى مايكل دل Dill صاحب شركة دل التي لها الدور الريادي في ميدان الحلول الإلكترونية. وفي 1992 عقد مؤتمر الأكواخ البعيدة في المملكة المتحدة وتبنى فيه مجلس لندن مشروع “الإتصالات البعيدة التقنية” الذي أكد على جمع ونشر المعلومات بوسائل إلكترونية، كالبريد الإلكتروني و الوصول عن بعد لقواعد المعلومات. لتظهر بعد ذلك محاولات أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1995 في ولاية فلوريدا تم تبع ذلك محاولات في مختلف دول العالم.
إن هذا التحول في أنماط الإدارة مسألة في غاية الأهمية و على وجه التحديد في الدول النامية، إذ أن التحول التنموي بكل معانيه و مضامينه الإقتصادية و السياسية و الحضارية يستوجب عناصر السرعة والدقة والإتقان في الأداء.
ويعتبر المغرب من هذه الدول التي تسعى إلى التطور والنمو السريع إلى الجودة و المردودية في الإنجاز وتحسين أداء الخدمات الإدارية وهذا الإهتمام تجسده الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة المنظمة من لدن كتابة الدولة المكلفة بالبريد وتقنيات الإتصال و الإعلام يوم 23أبريل2001 تحت عنوان “الإستراتيجية الوطنية لإدماج المغرب في مجتمع الإعلام و المعرفة” حيث جاء فيها ما يلي: وسيظل إصلاح الإدارة العمومية وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التي يطرحها تقدم بلادنا، إذ يتعين أن نوفر لأجهزتنا الإدارية ما يلزم من أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها الأنترنيت، لتمكينها من الإنخراط في الشبكة العالمية و توفير خدمات أكثر جودة لمتطلبات الأفراد و المقاولات.
ومما سبق، فإن أهم تحدي يواجه الإدارة العمومية المغربية لكي ترتقي بعملها من عمل تقليدي إلى عمل حديث، هو إستعمالها لتكنولوجيا المعلومات و الإتصال، لذلك فهي تعمل جاهدة لتوظيف إمكانياتها المادية و البشرية للاستفادة من هذا المجال الحيوي مبكرا، قبل أن تخرج من حلبة السباق وتبقى إدارتها منعزلة و منغلقة على نفسها بالتأخر في استعمال تكنولوجيا المعلوميات و الاتصال التي أصبح لا غنى عنها.
ومن هنا يتضح أن التعامل مع تكنولوجيا المعلوميات و الإتصال في ترشيد وتطوير العمل الإداري، أصبح اختيارا لا يخضع للرفض، وإنما أصبح ضرورة تحدد بقاء المنظمات. لنتسائل عن دواعي تبني الإدارة الإلكترونية وواقع و آفاق تبنيها ؟ لتحليل ومناقشة هذا الموضوع، سنقسمه إلى مبحثين، نتناول في المبحث الأول: دواعي تبني الإدارة الإلكترونية. والثاني: واقع وأفاق تطبيق الإدارة الإلكترونية.
المبحث الأول: دواعي تبني الإدارة الإلكترونية.
يعد موضوع الإدارة الإلكترونية من أبرز التطبيقات الإدارية الحديثة، التي ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية، حيث يشكل حيزا كبيرا في مستقبل الإدارة خلال السنوات القادمة. ولهذا أصبح هذا الموضوع موضوعا حيويا ويحضى بأهمية بالغة في مختلف دول العالم ، حيث تصب فيه مجموعة من العلوم المختلفة التي مكنت الإنسان من تحقيق تطلعاته بل فتحت أمامه روئ مستقبلية أرحب، للرفع من مردودية التدبير و التسيير الإداري و كذا الرفع من كفاءة عمل الإدارة. وهذا ما سنبينه في المطلبين اللاحقين.
المطلب الأول: الرفع من مردودية التدبير والتسيير.
إن المعطيات التكنولوجية والتطورات الكمية و النوعية التي شهدها العالم مؤخرا في مجال الاتصالات الإلكترونية و الخدمات الإلكترونية المختلفة أدى إلى إقبال الإدارات المختلفة عليها، حيث أصبحت عملية استخدام التكنولوجيا المشار إليها، وخاصة المعلوميات ممكنة كبنية للشروع بتطبيق الإدارة الإلكترونية في القطاع الحكومي وغيره. فكيف تأثر المعلوميات على عمل الإدارة و ماهي نتائج إدخال المعلوميات داخل الإدارة ؟ للإجابة عن هاتين الإشكاليتين سنقسم هذا المطلب إلى فرعين نتناول في الأول تأثير المعلوميات داخل الإدارة و الثاني نتائج المعلوميات داخل الإدارة .
الفرع الأول: تأثير المعلوميات داخل الإدارة .
سنتناول في هذا الفرع، تأثير أو دور المعلوميات في التحديث الداخلي للإدارة، متناولين في الفقرة الأولى، تأثير الإعلاميات على مسلسل إتخاد القرار الإداري، وذلك باعتبار المكانة المتميزة للقرار في منظومة العمل الإداري، حيث يعتبر منطلق و مرجع كل عمل، أما الفقرة الثانية سنبين فيها تأثير الإعلاميات على هياكل و تنظيم الإدارة.
الفقرة الأولى: تأثير الإعلاميات على مسار القرار الإداري.
تعتبر القرارات الإدارية جوهر العملية الإدارية ومحورها، فالممارسة الإدارية تتطلب مواجهة مجموعة كبيرة من المواقف التي تستدعي الاختيار المستمر للبـدائل لمختلفة المطروحة ، لذلك فاتخاذ القرارات الإدارية عملية مستمرة وترجمة واقعية للوظائف الإدارية من تخطيط و تنظيم و لرقابة، إلا أن تعقد البيئة الإدارية المعاصرة، واتساع دائرة القرارات التي ينبغي اتخادها تحت ظروف عدم التأكد، لذلك أصبح لزاما توظيف بعض الميكانيزمات التقنية للمساعدة على اتخاذ قرارات سليمة وعقلانية، فجوهر عملية اتخاذ القرار تشمل صياغة وإختيار الحل المناسب و الملائم من ضمن عدة حلول وبدائل متاحة، وذلك بتبني خطة تؤكد أن جميع الإحتمالات الممكنة قد استعرضها، وأنه قد تم إختيار أكثرها ملائمة، وعملية تحديد هذه الاحتمالات من الصعب التأكد من شموليتها، خصوصا في ظل تعقد البيئة الإدارية المعاصرة بإتساع دائرة القرارات، التي ينبغي اتخادها في ظل ظروف عدم التأكد، وهنا أصبح ينظر للحاسوب ونظم تقنية المعلوميات المعتمدة على الحاسوب، باعتبارها وسيلة فعالة وحاسمة في تألف و تكامل العلم مع التقدير الشخصي، وذلك للمزيد من الملائمة وتطوير وتكييف واختيار البديل الأنسب ،نظرا لقدرته الخارقة على خزن المعلومات ثم استرجاعها و إجراء العمليات الحسابية و مقارنتها بدقة متناهية، وسبر أغوار بعض المجالات المستعصية على الإنسان.
إن اتخاذ القرار الإداري الرشيد ينبني في غالب الأحيان على قاعدة من البيانات، التي يمكن أن يكون حجمها كثيرا تستدعي إجراء التحليل الرياضي المتكامل للوصول إلى النتائج المستهدفة، التي يمكن الاعتماد عليها عند اتخاذ القرارات الإدارية، ولما كان هذا التحليل الرياضي يتطلب عمليات حسابية ليس من السهل إنجازها يدويا في وقت وجيز ودون جهد و مشقة، أضحى من الضروري الإستعانة بخدمات الحاسوب
لقد أضحت لأساليب إتخاد القرارات، أهمية بارزة في الكتابات الإدارية خصوصا بعد التوظيف الموازي للأساليب الرياضية و الحاسوب، والذي أصبحت تدرس تحت عنوان “بحوث العمليات” أو “علم الإدارة بإستخدام الأساليب الكمية “،وهي طريقة تمكن من توظيف علاقات مترابطة و متراكمة في تطبيقات علمية، حيث أصبح من الممكن توظيف عدة أساليب أخرى كالبرمجة الخطية و التحليل الشبكي للوصول إلى قرارات حاسمة وسليمة .
إن كل قرار إداري مهما بدا ضئيل الأهمية، إلا وتكون له انعكاسات و أبعاد اجتماعية وقانونية في زمن أصبح من العسير فيه إن لم نقل من المستحيل تصور ارتكاب الخطأ وذلك لما ينتج عن هذا الأخير من آثار مالية باهظة لن يؤديها إلا المجتمع في أخر المطاف، فالقرار لا يمكن أن نتصوره نتاجا للتخمين أو التنجيم بل هو عملية مستمرة في الزمان و المكان خاضعة لمراحل دقيقة تتصف بالعلمية في عالم لن يؤمن مستقبلا إلا بالعلم و دقة المعلومة. لدلك فالحاسوب يأتي لتدليل الصعاب و تضييق هامش الخطأ، فهو يمكن من معالجة البدائل المتاحة أو الممكنة في نهاية المطاف بتقديمه لمتخد القرار خدمة جليلة مند الإعداد و حتى الإشراف و تقيم النتائج المحصل عليها.
و هكذا فالمعلوميات تستطيع أن تربط بين مختلف مراحل صنع القرار، فهي تربط بين الفعالية و الترشيد في أفق صياغة قرار سليم.
وعموما يمكن حصر أهم مستويات تدخل النظام الإعلامياتي في مسلسل صنع القرار في النقاط التالية:
أولا: يعمل الحاسوب على تحسين مسلسل صنع القرار.
ثانيا: يدعم فرص تقريب القرار المتخذ من القرار الصائب.
ثالثا: يرفع بشكل ملموس حجم المعلومات الضرورية لاتخاذ القرار.
رابعا: يوزع المعلومات والمعطيات و الإحصائيات بشكل متنظم و دوري.
خامسا: يسمح للإدارة بإستعمال المعلومات التي كانت و على عهد قريب، في ظل الإدارة التقليدية باهظة عند إنتقائها.
سادسا: يرغب متخذي القرار على تقليل هامش الذاتية لصالح الموضوعية.
سابعا: يمكن رجل الإدارة من اختيار ما كان يعتبر قديما من باب التخمين.
ثامنا: يهيئ عددا كبيرا من إمكانيات الإختيار بالنسبة لقرار واحد .
أما فيما يخص الإدارة العمومية المغربية، ونظراً لتباين مجالات و طرق الاستخدام و التطبيقات المستعملة من إدارة لأخرى، فإنه يمكن القول إن عملية اتخاذ القرارات الإدارية اعتمادا أو بتوظيف الحاسوب لازالت في مرحلتها الجنينية لدى أغلب الإدارات، مع وجود بعض الاستثناءات لدى الإدارات التقنية التي قطعت أشواط مهمة في مجال تحديث و عصرنة دواليبها، إعتمادا على تكنولوجيا المعلوميات.
الفقرة الثانية: تأثير الإعلاميات على هياكل وتنظيم الإدارة.
إن إدخال المعلوميات للإدارة العمومية، عملية معقدة ومتشابكة تتأثر بها جميع مكونات المنظمة، فتعديل أي فرع من فروعها لابد أن يؤثر على الإدارة ككل، وهذا التعديل قد يحدث بصورة غير رسمية أي فعلية دون تتبعه تعديلات في النصوص و القوانين، فمثلا قد تتغير المهام والإختصاصات بفعل التطور دون أن يتم تعديل الهيكل رسميا و هدا ما يؤدي إلى تغيرات فعلية على ارض الواقع، وهذا ما يجعلنا نجد العديد من الوحدات الإدارية تعمل بصورة فعلية دون أن توجد في الهيكل التنظيمي للإدارة .
فالمعلوميات باعتبارها إحدى وسائل تحديث وعصرنة الإدارة يراهن عليها العديد من المهتمين في إعادة ترتيب البيت الإداري و ترسيخ الديمقراطية الإدارية، خصوصا في ظل التحديات الجديدة التي أصبحت مطروحة بحدة على الإدارة باعتبارها قاطرة تقود مسلسل التنمية الإقتصادية و الاجتماعية و السياسية إلى جانب القطاع الخاص، فرغبة الإدارة في تحديث أدوات اشتغالها لمواكبة التطورات التي يعرفها المحيط سارعت هذه الأخيرة بوثيرة مرتفعة إلى امتلاك التكنولوجيا وخصوصا المعلوميات للتخلص من طرق النظام التقليدي المتسم بالبيروقراطية و الإغلاق، وإذا كان إدخالها إلى المنظمات الكبيرة( الإدارات ـالشركات ) خلق ثورة حقيقية أدت إلى تغييرات عميقة في هياكل هذه الإدارات بإعادة النظر في العلاقات الهرمية و إعادة انتشار الكفاءات ، وكذا المساعدة على تقريب الأنشطة المتجاورة، فإن الطرق العصرية التي تمنحها في ميدان التنسيق الأفقي، و العمودي بمختلف الوحدات الإدارية دفع جل الإدارات إلى وضع معطياتها في إطار أبناك المعلومات، سواء خاصة بها أو مشتركة مع عدد من الوزارات أو بينها وبين هيئات خاصة، وهو ما يفرض منطقيا ضرورة ضبط وتوحيد الطرق .
وهكذا فتأسيس أبناك المعلومات يمكن أن يهم العديد من الإدارات التي هي في حاجة إلى معلومات أو اللجوء إلى خدماتها، فمثلاً في فرنسا هناك بنك للمعلومات المدنية التي تشترك فيه عدة فعاليات كوزارة المالية ووزارة الأشغال العمومية و الجماعات… ولا شك انه بالإضافة إلى ضرورة توفر كل إدارة على بنك للمعلومات يجب أن يكون هناك اتصال بين مختلف الوحدات الإدارية الأخرى لتبادل المعلومات دون إتباع الإجراءات و المساطر المعقدة، سيما وأن إحدى خصائص المعلوميات و هي التبادل الحر و السليم للمعلومات المعالجة بالتنسيق مع الهياكل الموجودة، إذ يتم ربط كل الوحدات المعنية دون الالتزام بالمرور بالوحدات الإدارية العليا، بمعنى أن تكون العلاقة بين هذه الوحدات علاقة أفقية و ليس عمودية كيفما كانت الإدارة التي تنتمي إليها، و بالتالي خلق شبكة متداخلة تكون فيها كل وحدة مرتبطة بالأخرى، و هذه الوضعية تتطلب إيجاد سبل اتصال أفقية بين وحدات عمومية على صعيد مختلف مستويات الهرم الإداري، فمثلاً كل أقسام و مديريات مختلف الإدارات التي تشرف على شؤون الموظفين تكون على اتصال مباشر و دائم دون شكليات معقدة مع مديرية الوظيفة العمومية بوزارة الوظيفة العمومية و الإصلاح الإداري، خصوصا مع بنك معطياتها للحصول على المعلومات الخاصة بتسييرها كالقوانين و الأنظمة و الإجراءات التي تهم تسيير شؤون موظفيها مع الاطلاع على أخر المستجدات في هذا الميدان.
وإجمالا لا يمكن القول إن إدخال الحاسوب أدى إلى إعادة هيكلة بعض المصالح الإدارية التقليدية و إعادة انتشار الموظفين، فإصلاح جدري للهياكل الإدارية هو الوسيلة المثلى لاستغلال الإمكانيات التقنية التي توفرها المعلوميات، وهذا التغيير الجدري يكون حدوثه ضروريا مع المرور إلى المرحلة الثالثة من مراحل إدخال المعلوميات، وهي مرحلة ستجري فيها تغييرات عميقة على أنظمة المعالجة التي ستكون لها تأثيرات مهمة و حاسمة على الهياكل الإدارية بسبب التوظيف المنتظم لإمكانيات الحاسوب و التطور التقني لمستوى الأجهزة و تغيير العقليات و التي سهلتها المرحلة السابقة، وهذه المرحلة يمكن أن تتميز بحركتين:
خلق مصالح ووحدات إدارية و معلوماتية أكثر اندماجا، بمعنى ضبط منهجيات التحليلات و البرمجة و تدوين القوانين و أشكال البطاقات.
ًتطوير استعمال المعلومات الناتجة عن عمليات التسيير الجارية من اجل وضعها رهن إشارة أجهزة القرار.
الفرع الثاني : نتائج المعلوميات داخل الإدارة .
إن استعمال تكنولوجيا المعلوميات والإتصال بالإدارة العمومية متعددة أهمها، تدعيم الشفافية، والرفع من كفاءة عمل الإدارة، وهذا ما جعل الإدارة تخطو خطا كبيرة نحو تجسيد حياة إدارية أفضل من تلك التي كانت من قبل، المرتكزة على كثرة الأوراق و الإجراءات. وهذا ما سنبينه من خلال الفقرتين التاليتين:
الفقرة الأولى: تدعيم أسس الشفافية.
لا شك أن المعلوميات مست معظم الأنشطة الإنسانية عندما انشقت أول مرة عن الحاجيات العسكرية في الخمسينيات، وأصبحت بعد ذلك مؤشرا للعصرنة و التحديث الإداري لمختلف المؤسسات، سيما تلك المنتمية منها لدول العالم النامي.إلا أن ما تشهده الإدارة العمومية من تطور تكنولوجي ضخم، يحمل بشائر مذهلة يكون لها تأثير على مفهوم المرفق العام و طبيعة الخدمة التي يقدمها للجمهور، فتحول كافة الأعمال و الخدمات الإدارية التقليدية من طول الإجراءات واستخدام الأوراق إلى أعمال و خدمات إلكترونية تنفد بسرعة عالية و دقة متناهية، وهذا كله يهدف إلى تزويد المواطن بإدارة فعالة وسريعة و خدمات ذات مستوى عال و تمكنه من الحصول على طلباته الإدارية بصفة شفافة و منتظمة، وذلك لما تتوفر عليه المعلوميات من إمكانية تدبير جيد للوقت الإداري، واختزال مراحل عديدة، وجمع وتصنيف المعلومات بشكل يجعل أمر مراجعتها سهلا وسريعا، الشيء الذي سينعكس لا محالة على الأداء و المردودية، و بالتالي تحسين علاقة الإدارة بجمهورها، وتماشيا مع النهج الرامي إلى تدعيم أسس الشفافية بين الإدارة و المتعاملين معها، قامت العديد من المؤسسات العمومية كالخطوط الملكية المغربية، المكتب الوطني للسكك الحديدية، وإدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة…إضافة إلى العديد من المؤسسات العمومية و شبه العمومية و الجماعات المحلية بتبسيط المساطربشكل جيد مستفيدة في ذلك من أساليب التسيير المستخدمة في القطاع الخاص ، الشيء الذي أثر إجابيا على نوعية الخدمة و طبيعة العلاقة مع الجمهور، فالمعلوميات تعتبر الآن من أنجع الوسائل التكنولوجية الحديثة التي بإمكانها تدعيم أسس الشفافية بين الإدارة والمتعاملين معها.
الفقرة الثانية: الرفع من كفاءة عمل الإدارة.
تعتبر التنمية الهاجس الرئيسي لأي دولة وهو ما لم يتم تحقيقه إلا بإدارة فعالة كفئة و محترفة تستطيع تنفيذ المقررات السياسية و إنجاز المطلوب منها بسرعة و فعالية وهذا يتطلب تحديثها على مستوى مناهج وطرق التسيير وتزويدها بالوسائل الضرورية لعملها و على رأس ذلك تأتي المعدات المعلوماتية، فبحساب بسيط يتضح أن هذه التكنولوجية يمكنها الرفع من كفاءة عمل الإدارة لذلك فالمعلوميات تعتبر وسيلة حديثة و متقدمة للعمل تلجأ إليها الإدارات عندما يصبح العمل لديها كثير يتعذر معها معالجة القضايا بالوسائل اليدوية التقليدية المعتمدة . من هنا بدأت معظم الإدارات تعتمد على المعلوميات في تنظيم إدارة أعمالها و نشاطاتها بالرغم من الأعباء المالية و الحاجة إلى عناصر بشرية متخصصة فقبل إدخال هذه التقنية كانت الإدارات تعتمد على المستندات الورقية في إنجاز الأعمال، وكثرة التسجيل، الأمر الذي يؤدي إلى كثرة الأخطاء وإلى البطء في إنجاز الأعمال، بالإضافة إلى ضياع الوثائق و المستندات من كثرة تداولها و استعمالها، ولكن باستخدام الحاسبات الإلكترونية، يتم تجميع البيانات و إجراء عمليات حسابية و إعطاء تحاليل و مقارنات.
ومن هنا يمكننا القول بأن الحاسبات الإلكترونية تساعد في القضاء على مشكلة تكدس المستندات الورقية، التي تعتبر أحد العيوب الرئيسية في الأساليب التقليدية تكنولوجيا المعلومات رمز الحداثة و التغيير، وذلك ما تتميز به من خصائص و هي كالتالي :
1_ أنظمة المعلوميات ترتكز على الحدادات (fichiers) في حين الأنظمة الإدارية القديمة ترتكز مبدئيا على الملفات.
2_ أنظمة المعلوميات تعمل على الرفع من كفاءات الإدارة و ذلك لارتكازها على النظام و التنظيم ، و هذا ما يغيب العمل في الفوضى أو سوء التنظيم .
3_ ارتكاز أنظمة المعلوميات على مناهج التدبير الحديثة و الرشيدة.
إذا كان الرفع من كفاءة الإدارة من العوامل التي دفعت بالإدارة إلى إدخال المعلوميات إلى مصالحها فإنه يجب الحرص على استخدامها الاستخدام الأمثل بما لها من إمكانيات و قدرات هائلة و ذلك من أجل تلبية الحاجيات الإدارية.
المطلب الثاني: الرفع من مستوى التواصل الإداري.
تشكل تقنيات الاتصال داخل الإدارة أساس عملها، باستعمالها عدة أشكال ووسائل بين مختلف أجزاء الوحدة الإدارية و بين هذه الوحدة و الوحدات المماثلة التي تدخل معها في علاقات متعددة قصد تسهيل و ضمان عملية التواصل و الاستجابة الآنية للاحتياجات الإدارية و هذا ما سنبينه في الفرع الأول من جهة، أما الفرع الثاني سنتناول فيه الاستجابة لرغبات المرتفقين.
الفرع الأول: الاستجابة الآنية للإحتياجات الإدارية.
إلى جانب الأشكال و الوسائل التقليدية المستعملة في التواصل الإداري (رسائل مكتوبة، مذكرات، النشرات) كان لزاما على الإدارة المغربية للقيام بدور التنشيط المنوط بها كأداة فاعلة و فعالة للرقي بعملية التسيير الإداري، أن تهتم أكثر بمجال بيئة التواصل بين مختلف أجزاء الوحدة الإدارية أو بين هذه الوحدة و الوحدات المماثلة . وذلك باستعمال تقنيات حديثة للتواصل متماثلة بالخصوص في نظم المعلوميات المبنية على استخدام الحاسبات و التي تعتبر حصيلة تفاعل و تدخل ثلاثة أنماط من التكنولوجيا: تكنولوجيا الحواسب، تكنولوجيا الاتصالات و تكنولوجيا البرمجيات. فالاندماج الحاصل بين تكنولوجيا الحاسبات و تكنولوجيا الاتصالات قد فتح إمكانيات هائلة تتجسد في التنسيق بين مكونات الإدارة و كدا سهولة الرقابة و التوجيه.
الفقرة الأولى: التنسيق بين مكونات الإدارة.
فالهوة و المسافة المتزايدة و المتنامية داخل المنظمات و المترابطة في الوقت ذاته بظاهرة حجم ولا مركزية المنظمة أصبحت تشكل معوقاً رئيسياً أمام التماسك و فعالية التسيير.
إن الفعالية تتطلب التعاون و الإتحاد نين أطراف المنظمة و مكوناتهم. كما أن التعاون الداخلي يبدو ضرورياً ملحا، و هو وسيلة لتحقيق الأهداف المشتركة لتكوين إطار موحد. فالتماسك هو تلك الاستجابة للمشاكل الداخلية، ليس فقط بهدف تحقيق الأهداف المشتركة بل بهدف تسهيل عملية نقل البيانات و المعلومات الضرورية. فالتواصل ضروري لتحقيق التنسيق بين الجهود، إذ أن تحقيق التكامل و التنسيق بين جهود عدد كبير من الأفراد، يعملون لتحقيق هدف مشترك، يتطلب تبادل البيانات بينهم .
ففي مجال المعالجة الآلية للبيانات ظهرت إمكانية المعالجة عن بعد، و المعالجة الموزعة للبيانات باستخدام شبكات الاتصال و غيرها من مستحدثات تكنولوجيا المعلومات، كما أن في مجال الاتصالات أصبح بالإمكان تبادل البيانات بسرعة كبيرة، و بتكلفة معقولة بين مراكز موجودة في أماكن متباعدة، فبواسطة شبكات الاتصالات أصبح بالإمكان عقد اجتماعات العمل بين أشخاص يقيمون في مناطق جغرافية متباعدة، بحيث يتنافسون ويتدارسون ويتبادلون الأفكار بصورة أنية، من خلال تقنيات الاتصالات الحديثة كأنهم موجودون معا في غرفة واحدة. فإذا لم يتم الربط بين الوحدات بعضها ببعض في وحدة كبيرة عن طريق استعمال طرق التواصل الحديثة (تكنولوجيا المعلومات والاتصال)، فستكون النتيجة تباعد الوحدات وانعزالها عن بعضها مما يعوق بلوغ الهدف. ومنه يفرض على المنظمة إقامة العلاقات بين الوحدات الإدارية المستقلة عن بعضها، وضمن الوحدة الإدارية الواحدة، بحيث ترتبط مختلف الوظائف سواء كانت واقعة على مستوى إداري واحد أو موزعة بين مستويات إدارية متعددة بعضها يأتي فوق البعض بعلاقات تجمعها كلها في طريق واحدة يوحد بين جهودها وينسق بين أعمالها وينقل الخبرة والمعلومات المتوفرة لدى إحداها إلى الأخر. و عليه فالتنسيق بين الجهود والأنشطة المختلفة داخل كل وظيفة أمر ضروري ومؤكد، إلا أن يسهل عملية التنسيق هاته يتطلب تواصل فعال يسمح بتنميته، وهذا لن يتأتى إلا بالاستعانة بالوسائل الآلية الحديثة لنقل المعلومات والبيانات. هاته الأخيرة التي بدورها تتوقف إلى حد كبير على مدى فعالية التواصل بين رجل الإدارة المسؤول وبين أولئك الذين يسعون للتأثير فيهم والتغيير من سلوكهم.
الفقرة الثانية: سهولة الرقابة و التوجيه.
تعتبر الرقابة إحدى الوظائف الأساسية التي تقوم بها السلطات المختصة بغية التحقق من أن العمل المخطط يسير وفق الأهداف المرسومة سلفاً بكفاءة وفي الوقت المحدد له، وهي بذلك ضرورة لاغنى عنها لاستكمال الأعمال، فالرقابة يمكن إدخالها إلى الحاسوب إما عن طريق الأجهزة ذاتها أو عن طريق البرامج بحيث يصبح الحاسوب يراقب ذاته بنفسه: مراقبة نوع المعلومات المدخلة، نوع البرمجة ،نوع المخرجات، وهكذا يتمكن الحاسوب من مراقبة ذاتية تسمح له في نفس الوقت بمراقبة كل العمليات التي تتم، فيتأكد من أن معلومة معينة قد أضيفت أو قد ضاعت، أو أن حسابا ما تم إدماجه مرتين بواسطة قناة معينة أو عدة قنوات مختلفة، وتبعا للتطور الذي عرفته تقنيات التسيير، فإن الرقابة يمكنها أن تنصب على ملائمة القرارات المتخدة، وفعالية ومردودية العمل المنجز أكثر من انصبابها على مسألة مطابقة القانون، وهذا ما يعني أن تكون الرقابة بعدية وليس قبلية بحيث تترك للمسؤول حرية القرار و تنفيذه على أن تتم مساءلته على النتائج المحصل عليها.
أما فيما يتعلق بالتوجيه كعملية، وعلاقته بالتنسيق والتوصل فهي في حد ذاتها عملية تواصل تقوم على علاقة بين المرسل و المستقبل. مرسل لديه معلومة أو رسالة ذات معنى و هدف معين يقوم عن طريق الوسيلة المناسبة الأكثر فعالية، بتوصيلها وإبلاغها إلى المستقبل أو مجموعة من المستقبلين.
فالتوجه يتضمن مجموعة كبيرة من المهام تتركز كلها حول اتصال الرئيس بالمرؤوسين، وإصدار الأوامر إليهم لإنجاز الأعمال التي ألقيت مهمة إنجازها على عاتقهم . ومما لاشك فيه، أن الاعتماد أكثر على صياغة الحسابات الإلكترونية عن باقي الصياغات الأخرى، في الاتصالات الداخلية يساعد على تقليص درجة الخطأ و ربح الوقت وتبادل الآراء بين الرؤساء و المرؤوسين المتباعدين جغرافيا واتخاذ القرارات في وقت وجيز، الأمر الذي يسفر عنه عنصري الإنتاجية و الفعالية و الرضى الوظيفي التي تأمل إليه المنظمة الإدارية.
فأمام الإمكانيات التي تتيحها هذه الوسائل الحديثة في مجال تحسين التسيير الداخلي للإدارة، نستشف بدورنا أيضا مدى ناجعة هذه الأخيرة عن باقي الطرق التواصلية الأخرى، الأمر الذي يقتضي تضافر الجهود من الجهات المعنية بهذا المجال نحو الإستفادة القصوى من إمكانياتها وذلك عن طريق إتخاد إجراءات و تدابير في هذه الميدان منها على الخصوص.
_ تعميم الشبكات الداخلية للوزارات، وتطوير الأجهزة الأساسية لإتصال جميع الجوانب بالشبكة العالمية.
_ وضع ربط إلكتروني خاص بين الوزارات، وجميع الإدارات والمؤسسات العمومية… من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من الإنتاجية و الفاعلية.
الفرع الثاني: الإستجابة لرغبات المرتفقين .
إن سياسة التحديث الإداري، تجعل الإدارة أكثر قربا من المرتفقين وإرضاء المتعاملين معها بصفة عامة و فئة المستثمرين بصفة خاصة سواء المغاربة أو الأجانب الذين يصطدمون بعراقيل عدة، فتحديث الإدارة عن طريق إدخال مجموعة من الوسائل التقنية و المعلوماتية، أدى إلى الإستجابة الفعلية لرغبات المرتفقين و ذلك من خلال اختصار الإجراءات و ربح الوقت .
الفقرة الأولى: إختصار الإجراءات .
إن إقحام التكنولوجيا الحديثة في إدارتنا، سيساعد مما لا شك فيه على تجاوز تأزم العلاقة بينها وبين مرتفقيها، وذلك من خلال الإستفادة القصوى من الإمكانيات التي تتيحها التقنيات الحديثة لتكنولوجيا الإعلام و الإتصال و المتجسدة على وجه الخصوص في: _ حق المرتفقين في الإعلام و في الإطلاع على الوثائق الإدارية و بثها على شبكات الإتصال الذي يعطي بعدا جديدا لمفهوم الشفافية الإدارية و تمهيد لدمقرطة الإدارة و مواطنيها .
_ تلقي استفسارات وتساؤلات المواطنين عبر البريد الإلكتروني و كذلك تلقي تظلمات وشكايات المرتفقين على الانترنيت، الأمر الذي ينتج عنه القضاء على ضغوط المكان و المسافة، ومن تصور مفاهيم إعداد التراب الوطني و الجهوية و اللامركزية، وتقريب الإدارة من المواطنين بكيفية مغايرة، ليصبح المرتفق مستفيدا من مبدأ استمرارية المرفق العام.
_ مكننة المساطر الإدارية الأساسية، سيؤدي إلى العمل بتقنية المساطر عن بعد، التي توضع رهن إشارة العموم. مجموعة المطبوعات ورسائل الإلتزام و نماذج الطلبات و ذلك عبر شبكة الانترنيت.
فوعي الإدارة المغربية بأهمية فتح مواقع إلكترونية عن بعد، وانجاز عمليات إدارية عبر الانترنيت على مستوى تحسين بيئة تواصلية فعالة، و الوصول إلى الهدف الأسمى، ألا وهو إرضاء المرتفق و تجاوز العلاقة بينها وبين هذا الأخير.
حيث برزت إلى السطح فكرة إحداث موقع ويب خاص بها، على شكل بوابة عامة للولوج لخدمات الحكومة الإلكترونية بالمغرب، والذي يعتبر أحد أهداف مشروع إدارتي”Idarati ” الطموح، وهو احدات بوابة إلكترونية خاصة بالإدارة التي تهدف إلى وضع معلومات واضحة و منظمة في خدمة المواطن، متعلقة بحقوقه وواجباته وكذا الإجراءات و التدابير التي يحترمها، فيما يخص الخدمات التي تقدمها الإدارة. وهذا ما سيسهل على المواطن أيا كان و في أي وقت شاء وبسرعة، أن يجد المعلومات المرغوب فيها أو يبعث بريدا إليكترونيا للجهة المراد استفسارها .
غير أنه تجدر الإشارة إلى نقطة أساسية بهذا الصدد، وهي أن تكنولوجيا الإعلام و الإتصال بتطبيقاته المتعددة سوف تؤدي إلى تقوية الطلب على الإدارة وخدماتها، ذلك أن المتعاملين عندما يعرفون حقوقهم جيدا يصبحون أكثر طلبا لها، خاصة فيما يتعلق بجودة الخدمات المقدمة، وإستعمال جميع هذه الإجراءات تؤدي إلى اختصار الإجراءات التي كانت في السابق تتطلب وقتا طويلا لتعدد الإجراءات التي كانت تمر بها العلاقة بين الإدارة و المرتفق، وفي خضم المستجدات التي لعبتها المعلوميات في تبسيط المساطر الإدارية أصبح التنسيق وتبادل المعلومات بين مختلف الوحدات الإدارية التي تقدم خدمات متقاربة أو متشابهة للجمهور، إحدى السبل المهمة و الأساسية لتبسيط المساطر و الإجراءات بهدف تجاوز التكرار وضياع الوقت عبر توحيدها بإستعمال المعلوميات في مختلف المسالك الإدارية، والتقليل من النمادج و الوثائق عن طريق تنميطها “Stondardisation” بإلغاء الغير الضروري منها ودمج المتشابه اختصارا لوقت المستفيد من الخدمة العامة لجعلها أكثر مرونة وملائمة لمتطلبات المناهج العصرية للتدبير.
الفقرة الثانية: ربح الوقت .
لقد أحدثت تكنولوجيا المعلوميات والإتصال طفرة حقيقية في أساليب أداء العمل وفي سرعة ودقة الإنجاز ، الشيء الذي يساهم بشكل فعال في تحقيق التنمية الشاملة، حيث ينجز في دقائق ما كان يتحقق في أيام .
لذلك فالأهداف العامة المسطرة في مجال استعمال تكنولوجيا المعلوميات و الإتصال،ترمي إلى تزويد المواطن المغربي بإدارة فعالة و سريعة و خدمات ذات مستوى عال،وتمكنه من الحصول على طلباته الإدارية بسرعة تجعله يتفادى اتساع ضياع الوقت. فربح الوقت جاء كنتيجة للإنتقال من التدبير الورقي إلى التدبير المعلوماتي، أي التحرر من العمليات الحسابية ومن بعض الأعمال المتكررة و تقليص عدد المطبوعات و التسجيلات التي كانت تأخذ من الإدارة وقتا طويلا.
ومن التطبيقات التكنولوجيا الحديثة للمعلوميات و الإتصال. هناك المساطر عن بعد: وهي تقنية تجعل الإدارة تفتح أبوابها عبر بوابات أو مواقع إلكترونية على شبكة الأنترنيت، أو مطارف مثبتة في أماكن معينة ليتمكن المرفق من إنجاز معاملاته الإدارية مباشرة دون الحاجة إلى الحضور الشخصي الفيزيائي إلى عين المكان، وهذا ما يوفر عليه الوقت و الجهد .
و إلى جانب هذه التقنية هناك الشباك الوحيد عن بعد: ويتمثل في خلق الإدارة ارتباطات شعبية فوق نصية تحيل إلى مواقع مؤسسات و إدارات أخرى، فمثلا إذا أراد مستورد استيراد سيارة فإنه بعد الدخول إلى موقع إدارة الجمارك على الأنترنيت، سيجد ارتباطا نصيا يحيله إلى الجهة المختصة بوزارة النقل التي تمنحه جميع المعلومات الخاصة بإستراد السيارات. كما أن تقنيتي الإعلام الصاعد التي تنهجها الإدارة تمكنها من تسخير حاسوب للرد الآلي على المواطنين، وتلقي استفساراتهم وتساؤلاتهم على البريد الإلكتروني و تلقي التظلمات و شكايات المرتفقين على الانترنيت. والإعلام النازل الذي يستعمل في الوسائط المعلوماتية المتعددة للوصول إلى الجمهور لا من شأن تعميمها أن تؤدي لا محالة إلى ربح الوقت، وإنجاز أسرع بالنسبة للمرتفقين .
المبحث الثاني: واقع و آفاق تطبيق الإدارة الإلكترونية.
تعتبر المعلوميات من أهم العوامل المؤثرة على نمو المجتمعات وتطورها في شتى مجالات الحياة، وقد أصبحت بعد العامل البشري أهم العوامل التي يقاس بها تقدم الإدارة. فقد أصبح واضحا أن التعامل مع تكنولوجيا المعلوميات و الإتصال و الإستفادة منها في ترشيد وتطوير العمل الإداري، أصبح ضرورة تحدد بقاء المنظمات. فما هو إذن واقع تطبيق الإدارة الإلكترونية. وماهي أفاقها ؟
للإحاطة بهذه النقاط سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نتناول في المطلب الأول، واقع تطبيق الإدارة الإلكترونية و المطلب الثاني، آفاق تطبيقها.
المطلب الأول: واقع تطبيق الإدارة الإلكترونية.
إن توظيف التكنولوجيا الحديثة للإعلام و التواصل في الإدارات المغربية لازال يتسم بالضعف على مستوى الشبكة و المعدات و كذا على مستوى العنصر البشري الذي يعد المحرك الأساسي. فالإستخدام الأمثل للتكنولوجيا الحديثة المتطورة يتوقف بالدرجة الأولى على توفير القوى البشرية المؤهلة و المدربة في هذا المجال.
الفرع الأول: على مستوى الشبكة والمعدات.
إن تحديث الإدارة وتبني مفهوم الإدارة الإلكترونية، يتطلب منا الإستعداد وتعبئة كل إمكانياتنا و مواردنا لكي نتجاوز المفهوم التقليدي للإدارة الكلاسيكية، وبذلك نكون قد حققنا حلما كان يبدو بعيدا إلى حدود الأمس القريب. لكن هذا التطلع يصطدم بضعف الشبكة و المعدات داخل الإدارة، وكذا الميزانية المرصودة لهذا المجال.
الفقرة الأولى: ضعف الشبكة.
تقد تزامنت الثورة المعلوماتية التي يشهدها العالم مع تكريس مفاهيم و مقومات جديدة فرضتها العولمة و المنافسة، وأصبح معها توظيف الإمكانيات التكنولوجيا الحديثة إحدى الميكانيزمات اللازمة لولوج عالم التحديث والعصرنة و مواكبة روح العصر، وهذا ما دفع بالإدارة العمومية إلى الإستفادة من الإمكانيات التي توفرها شبكات الإتصال العالمية و المحلية على حد سواء وذلك لتحديث أدوات اشتغالها وتحسين نوعية الخدمة التي تقدمها للجمهور.
لكن إذا تمعنا في الدراسة التي قامت بها كتابة الدولة المكلفة بالبريد وتقنيات الإتصال و الإعلام لمدى استعمال المعلوميات في الإدارة المغربية، فقد بينت هذه الدراسة مفارقات مهمة يمكن أن نخلص بعضها في :
_ أغلبية الإدارات تتوفر على شبكة داخلية على الصعيد المركزي.
_ أقل من 20%من الحواسب مرتبطة بالشبكة المعلوماتية.
_ ضعف في مجال الربط الإلكتروني الخاص بين الوزارات و جميع الإدارات والمؤسسات العمومية.
_ غياب إطار قانوني يضمن سلامة المراسلات الإلكترونية و يحدد قواعد التوقيع الإلكتروني.
_ قلة المواقع الإلكترونية للوزارات على الأنترنيت.
_ انعدام قانون حول الأمن القانوني للاتصال الإلكتروني.
_ ضعف نقط الإتصال بالشبكة كمراكز الأنترنيت أو غيرها.
_ عدم تعميم النظم المعلوماتية المحلية:شبكة الأنترنيت و الأنترانيت الجماعات المحلية و الأقاليم و العمالات .
إن هذه الدراسة و الإحصائيات الواردة تبين بجلاء التأخر المسجل للمغرب في السباق المحموم في مجال استعمال الإعلاميات وتقنياتها لتكييف أنماط العمل مع تطوير تكنولوجيا الإعلام و التواصل، على خلاف بعض الدول التي قطعت أشواطا هامة من أجل الدخول في مجتمع إعلامي قوي، كفرنسا. ومع ذلك فقد برزت فكرة إحداث بوابة إلكترونية للإدارة _مشروع إدارتي_ الذي من أهدافه الأساسية، إدخال المعلوميات في الإدارة وربطها بالشبكة، إلا أن هذا المشروع اصطدم بمجموعة من العراقيل، مما جعل الحكومة الإلكترونية في المغرب لم تقلع بعد حيث يتجلى التحدي الكبير للحكومي الإلكترونية) e-gouvernement) في إشكالية تدبير المحتوى، خاصة فيما يتعلق بالتطبيقات المتعلقة بتحيين و نشر المعلومات على المواقع الإلكترونية للإدارات، كما يتمثل أيضا في التعاون الجماعي على مستوى الإتصال و العمل الإداري المشترك.
الفقرة الثانية: ضعف المعدات و الميزانية المرصودة.
إن عصرنة العمل الداخلي للإدارة و تبني مفهوم الإدارة الإلكترونية يتطلب توفير ميزانية هامة في مجال تكنولوجيا المعلوميات و الإتصال، وهذا ما لا يتحقق في إدارتنا، حيث تخصص هذه الأخيرة ميزانية جد ضعيفة لهذا القطاع، تقدر سنويا ب550 مليون درهم فقط. كما يقدر معدل المصاريف المخصصة لهذا المجال في الوزارات بأقل من 1% من الميزانية الإجمالية . كما أثبتت بعض الدراسات العامة التي أجريت من طرف بعض الجهات على أن:
_ حوالي 35% موظف مشتركين في حاسوب واحد .
_ نسبة الموظفين الذين يمتلكون حاسوبا في الإدارة تناهز 2,8% .
نهيك عن التباين الواضح و الغير المنظم في التجهيزات بين الإدارات، حيث أن بعض الوزارات ( المالية، الأشغال العمومية، الداخلية …) قد تجهزت أكثر من الوزارات الأخرى و خاصة ( وزارة التربية الوطنية و الصحة العمومية، الجماعات المحلية) وبتعبير أخر فإن بعض هذه الإدارات بقيت ضعيفة التجهيز عكس إدارات أخرى تجهزت بشكل واسع. في حين نجد بعض الدول كفرنسا على سبيل المقارنة قد أنشئت خصيصا مجلسا بتقليص الفوارق الترابية في استعمال تكنولوجيا الإعلام و التواصل وهو المجلس المشترك بين الوزارات لإعداد وتطوير التراب بتاريخ 9يوليوز2001 .
وفي هذا المجال أنشأ صندوق الإيداع و التسليم حسابا للدعم سيخصص له من حساباته الخاصة 5,1 مليار فرنك على خمس سنوات، ويمكن منح قروض بنسب تفضيلية على مدى 30 سنة للجماعات المحلية يتم تمويلها بالمشاركة مع مؤسسات القرض في غلاف من 10 مليار فرنك.
ومنه فإن هذه الإجراءات المتخذة و المبالغ المالية الهامة المخصصة في مجال التجهيزات هامة، لمعبرة حقيقة عن مدى إرادة الدولة الفرنسية بجميع فاعليها من تمكين استعمال ضخم لهذه التكنولوجيا الحديثة في مجموع التراب الوطني.
وتجدر الإشارة، أنه ما يزيد الطين بلة في إدارتنا نحن هو رغم وجود مبادرات جادة لبعض الوزارات في اقتناء عدد لا يستهان به من هذه التكنولوجيا الحديثة لمواكبة الركب الحضاري التكنولوجي في العالم، إلا أنها لا تشغل أغلبها لأغراض الطباعة فقط، وهذا راجع لعدم وجود برنامج طموح لتأهيل موظفي الإدارات العمومية في هذا المجال ، وضعف تكوين الأطر التقنية المكلفة بإنجاز الخدمات الحكومية في المجالات الحديثة لتكنولوجيا المعلوميات و الإتصال وهذا ما سنقوم بتشخيصه في فرعنا اللاحق.
الفرع الثانية: على المستوى البشري .
إن الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا الحديثة المتطورة و الإستفادة القصوى من إمكانياتها، يتوقف بالدرجة الأولى على توفير القوة البشرية المؤهلة و المدربة في هذا المجال، لأن الإدارة ليست سوى مجموعة من الأشخاص و البنيات البشرية التي أنيطت بها مجموعة من الأدوار و الوظائف . فبغير الإهتمام بهذا العنصر لن تستطيع الإدارة تحقيق أهدافها و في مقدمتها تطوير العمل الإداري.
فعلى عاتق هذه القوى البشرية المؤهلة في المجال المعلوماتي، دراسة وتحليل الأنظمة اليدوية الحالية ووضع الخطط الضرورية لتطويرها و الإستفادة من إمكانيات هذه الآلات الحديثة، ثم تنفيذ هذه الخطط عن طريق تصميم الأنظمة الآلية المناسبة و برمجتها ووضعها موضع التشغيل .
لكن الواقع يبين و بجلاء افتقار إدارتنا وبشدة لهذا النوع من القوى البشرية المؤهلة لإستخدام هذا المجال أحسن إستخدام و الإستفادة من مردوديته على مستوى التسيير و التدبير الإداريين.
الفقرة الأولى: قلة الأطر المختصة في المجال المعلوماتي.
قد أتبتت بعض الدراسات في هذا المجال مايلي:
_ 1200 موظف متخصص في المعلوميات موزعة بين المهندسين والتقنيين، أي ما يقارب نسبة 0,3% من عدد الموظفين، وهي نسبة ضئيلة جدا مقارنة مع بعض الدول المتقدمة في هذه الميدان .
ومنه، فحقل تكنولوجيا المعلوميات لم يلقى بعد الإهتمام الكافي، الأمر الذي يجعل اللجوء إلى استخدام الكوادر الأجنبية أمر لا مفر منه.
ويعزى هذا النقص إلى عدة أسباب أهمها:
_تدني مستوى الأجور المخصصة لهذه الفئة.
_انعدام الحوافز المالية من جهة، والتي تعرف في صورة نقدية مجمعة أو مجزأة على دفعات، ومن أمثلثها الأجر، الترقيات ، العلاوات الدورية، المكافآت التشجيعية، التعويضات العامة كالتعويض عن التدرج الإداري، بالإضافة إلى التعويضات الخاصة، كالتعويض عن التأطير و عن الأعباء… إلخ.
والحوافز المعنية من جهة أخرى، والتي تستهدف الحاجات العاطفية و النفسية و الإنسانية للعاملين و التي تعني بالمحيط الطبيعي للموظف و أسرته وتضمن لهم الرعاية الطبية اللازمة و الرعاية الفكرية التي من شأنها أن تحرك لدى الموظف الإحساس بضرورة العمل الجدي و مضاعفة الجهود لأداء واجبه على أحسن وجه ، الأمر الذي ينتج عنه تنامي ظاهرة هجرة هؤلاء التقنيين إلى بلدان أخرى من أجل البحث عن ظروف و محيط شغل أحسن.
وما يلفت الإنتباه هو أنه بالرغم من تفشي هذه الظاهرة، فمازالت الحكومة لم تقف على الأسباب الجوهرية للمشكلة القائمة، ولم تتدارك بعد حقيقة الخطر على مستقبل المغرب و أجياله في هدر هذه الثورة المهمة، فالإدرة تعاني حاليا من هذه المشكلة وتترك آثارها على جودة الخدمات المعلوماتية الأمر الذي يحتم عليها إصدار أنظمة خاصة للتحفيز المادي و المعنوي للعاملين في هذا المجال، لتشجيعهم على العمل و توفير ظروف عمل مناسبة و مريحة كما هو الحال في معظم بلدان العالم المتقدمة.
الفقرة الثانية: ضعف التكوين المستمر في المجال المعلوماتي.
إن التكوين المستمر للموظفين يعتبر من الدعائم الأساسية التي تساهم في الإصلاح الإداري ببلادنا، بإعتباره حلقة أساسية في إنجاح الإصلاح الإداري، سواء تعلق الأمر بالحد من التعقيد الإداري أو العمل على تبسيط المساطر الإدارية، في إطار المفهوم الجديد للسلطة .
فالتكوين المستمر في مجال تكنولوجيا المعلوميات والإتصال تكمن أهميته في عدم قدرة التكوين الأساسي على إعداد أطر إدارية تواكب التطورات الحديثة في مجالات التدبير و التسيير الإداريين… ورغبة من الإدارة في ‘إدماج أطرها الإدارية في الوسط الممارسة الإدارية، فإنها تخضع هؤلاء الموظفين إلى نوع إضافي من التكوين.
وفي هذا الإطار عملت الدولة من أجل دعمه وللاستجابة لمتطلبات وانتظارات الفاعلين في ميدان المعلوميات إلى إحداث مؤسسات و مراكز وطنية تعنى بهذا التكوين ونذكر منها: المعهد الوطني للبريد والمواصلات السلكية و اللاسلكية، مكتب التكوين المهني و إنعاش الشغل…
ولكن ما نتأسف له شبه انعدام هذا التكوين، وهذا ما يعزى إلى مجموعة من الأمور التي تعرقل مسيرة التكوين في هذا المجال ومن بينها:
_غياب سند قانوني للتكوين المستمر بإستثناء بعض النصوص القانونية التي تؤطر هذه العملية، بحيث يلاحظ غياب تام لنصوص قانونية تنظمه.
_غياب مسألة إلزامية الإدارة بتخصيص اعتمادات مالية في ميزانيتها السنوية للقيام بهذه العمليات ذلك أنه من بين 35 هناك فقط 18 تخصص نسبة ضئيلة في ميزانيتها للقيام بعمليات التكوين المستمر 0,5% من كتلة الأجور .
وعليه، فأمام هذا الوضع يبقى التكوين المستمر في هذا الميدان يتسم بالضعف و الميول نحو الإنعدام باستثناء بعض التجارب الرائدة لبعض الوزارات كالمالية، وكذا إدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة، والتي اخترناها كنمودج تقتدي به باقي الإدارات الأخرى، وذلك من خلال دراسة للاتفاقية التي أبرمت بينها و بين مكتب التكوين المهني و إنعاش التشغيل، قصد تكوين واستكمال تكوين فئات واسعة من مواردها في إطار عملية رائدة من نوعها استفاد منها حوالي 2000 من أطر الإدارة ورصدت لها ميزانية تصل إلى خمسة ملايين درهم. وقد نصت هذه الإتفاقية المبرمة ما بين إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة ومكتب التكوين المهني و إنعاش التشغيل على تولي هذا الأخير تكوين عدد من أطر الإدارة و تأهيلهم لاستعمال تطبيقات التدبير. وقد مر هذا التكوين على أربعة مراحل كما يلي :
_ المرحلة الأولى: وتضمنت مقدمة لبرنامج الجدولة Excel 7.0 ، و الوسائل الإلكترونية بالنسبة للمسؤولين، ومقدمة و برنامج معالجة النصوص Word7.0 بالنسبة لباقي الأعوان.
_ المرحلة الثانية: مقدمة لبرنامج المعالجة النصية و لبرنامج الجدولة.
_ المرحلة الثالثة: إتقان برنامج الجدولةWord 7.0 .
_ المرحلة الرابعة: إتقان برنامج الجدولة7.0 Excel .
ولمتابعة برنامج التكوين كانت تعقد اجتماعات منتظمة مع مسؤولي مكتب التكوين المهني وإنعاش التشغيل قصد معرفة ظروف إنجاز البرنامج .
ومع تكوين هؤلاء الأطر تكون هذه الإدارة قد خطت خطوة هامة في تحديث عملها، إذ من خلال هؤلاء تستطيع الإشراف على برامج التكوين حتى تتمكن من توجيه مسلسل التكوين الوجهة التي ترضاها متطلبات العمل الإداري، وتجنب الخوض في أشياء قد لا تستثمر في المستقبل.
فتبني الإشراف الذاتي على برنامج التكوين المعلومياتي سيوفر على الإدارة مصاريف هذا الباب في اتجاه ترشيد النفقات العامة، كما سيخلق نوعا من التمازج ما بين الأطر المعلوماتية وغيرها من أطر الإدارة، وذلك من شأنه إزاحة ذلك الحاجز الذي قد يفصل الوظائف التقنية داخل الإدارة عن نظيرتها ذات الطابع الإداري.
وخلاصة القول، فإن عملية إدخال المعلوميات إلى الإدارة بصفة عامة أو إلى إدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة قد بصفة خاصة واكبتها حركة إرتقاء حثيثة لأطر وأعوان الإدارة، الذين صاروا يدركون جيدا أنه لا مناص من اقتحام عالم المعلوميات وتقنيات الإتصال .
المطلب الثاني: آفاق تطبيق الإدارة الإلكترونية.
إن العمل بالإدارة الإلكترونية، يعني تخطيط وتنفيذ التحول الإلكتروني من النموذج التقليدي للأعمال في الإدارة إلى نموذج جديد للأعمال يستند إلى موارد الانترنيت و المعرفة. بعبارة أخرى، يتطلب العمل بالإدارة الإلكترونية إجراء تغيير استراتيجي في مكونات أنشطة الإدارة، وهذا التغير يبدأ بكسر قواعد العمل التقليدي، وتجاوز المبادئ القديمة، التي هيمنت على نظرية الإدارة و التنظيم طيلة عقود عديدة من الزمن .
في غضون ذلك يجب إدراك المبادئ الجديدة وقواعد العمل المنبثقة عن نموذج الإدارة الإلكترونية وفهم متطلبات العمل الإلكتروني و ذلك بضرورة انفتاح الإدارة على محيطها من خلال استعمال تكنولوجيا المعلوميات وكذا تنميتها و ترشيدها.
الفرع الأول: ضرورة انفتاح الإدارة على محيطها.
لقد أضحت نظم المعلومات المبنية على استخدام الحاسوب بتطبيقاته المتعددة و المتنوعة، مستعملة في مختلف الأنشطة و المجالات و في كافة الوحدات الإدارية. وهذا الإستعمال يقتضي دراسة دقيقة وشمولية واضحة ويأخذ بعين الإعتبار، الإهتمام بالعناصر الأساسية التي من شأنها بناء إدارة عصرية، دائمة الإنفتاح على محيطها الداخلي من جهة، و تحسين العلاقة بينها و بين المتعاملين معها من جهة أخرى
الفقرة الأولى: تحسين عملية الاستقبال.
إن تحسين عملية الاستقبال تشكل إحدى الدعائم الأساسية لبروز إدارة منفتحة في وجه مرتفقيها، إلا أن الوضع الحالي يبين مدى تأزم هذه العملية داخل الإدارة والناتجة على الخصوص عن غياب رؤية شمولية للاستقبال و الإرشاد، مع وجود نظرة تقليدية لهذا الأخير، حيث يتم تخصيص مقرات دون توفير الوسائل و الأطر الكفأة الساهرة على هذه العملية.
ولعل تخصيص وسائل الإتصال الغير المباشرة بين الإدارة و المرتفق بالإعتماد على التقنيات الحديثة للتواصل و الإعلام، يضمن نجاعة أكثر وسرعة فائقة في أداء الخدمة و تجنيب المرتفق مشقة التنقل إلى عين المكان مع ما سيتبعه من بذل جهد و مال إضافي وذلك في أفق تسهيل الإتصال بين الإدارة و المرتفق . الأمر الذي يستوجب ضرورة تظافر الجهود للوقوف على أهم الآليات و الميكنزمات الضرورية التي تمكن من الإستخدام الأمثل لهذه التكنولوجيا الحديثة، و البلوغ للهدف المنشود ألا وهو تقريب الإدارة من المواطن و تجسيد الإدارة الإلكترونية.
فوعي الإدارة المغربية بأهمية هذا الإستخدام على مستوى تحسين مردودية مناهج العمل الإداري و على مستـوى تقريـب الإدارة من المواطنين بشكل يـدلي الارتياح و التجاوب بين الطرفين جعل كافة القطاعات العامة تشق طريقها لمعانقة الآفاق الرحبة لهذه التكنولوجيا الحديثة.
إلا أنه ما يجب التنبيه إليه هو أن شرط نجاح استخدامها لا يرتبط بالأجهزة و المعدات و نوعيتها بقدر ما هو مرتبط بالعنصر البشري، هذا الأخير هو عامل نجاح الإستخدام من عدمه و هو ما ينص عليه أحد تقارير الأمم المتحدة:”حتى ولو اعتبر استخدام تكنولوجيا المعلوميات و الإتصال مسألة مناسبة، فمن العبث صرف الإمكانات المالية المحدودة المتوفرة لشراء حاسوب. إلا إذا توفر العنصر البشري المكون الذي يمكنه استخدامه بطريقة فعالة”.
فبالإضافة إلى تقوية الكفاءات المهنية للعنصر البشري لتحسين عملية الإستقبال، وجب خلق مراكز للإستقبال و الإرشاد، وذلك بإحداث مواقع خاصة بالإدارات على شكل بوابة عامة للولوج لخدمات الإدارة الإلكترونية بالمغرب، وتعتبر هذه الفكرة أحد أهم أهداف موقع ” إدارتيIdarati ” الطموح حيث تعني هذه الكلمة “انتماء الإدارة للمواطن وشعوره بأنها في خدمته” ، حيث يعتمد على نظام تحاوري يمكن الوصول إليه 24 ساعة على 24 يقدم عدة معلومات منظمة و صحيحة، والهدف من ذلك، هو وجود تفاوت مؤسساتي بين الإدارة العمومية و مشاكل تعترض المواطن، فيجب على المواطن أن يطأ عدة إدارات من أجل الحصول على خدمة بسيطة ذات بعد واحد، مما يولد لديه اللبس و الحيرة، حيث تهدف هذه البوابة إلى وضع معلومات واضحة ومنظمة في خدمة المواطن متعلقة بحقوقه وواجباته وكذا الإجراءات و التدابير التي تقدمها الإدارة.
وما تجدر الإشارة إليه، هو أن المغرب مازال في مرحلة يشق فيها طريقه بخطى بطيئة ومحدودة، لا ترقى لإستجابة تطلعات المواطنين في هذا المجال، رغم وجود بعض الإرهاصات الأولية و الإنفرادية لبعض الإدارات العمومية التي دأبت على فتح مواقع إلكترونية لها عبر الأنترنيت لعرض خدماتها على المواطنين( وزارة العدل ، والمالية والخوصصة ) التي بدأت تعلن عن المباريات ، وتتلقى الشكايات والطلبات وكذا الإجابة على الإستفسارات عبر نفس الوسيلة.
الأمر الذي يتطلب ضرورة تعبئة قوية للدولة، ووضع برنامج حكومي يأخذ من بين أولويته.
_ معرفة نسبة التجهيزات المعلوماتية في الإدارات العمومية.
_ إلزامية وضع المعطيات الأساسية مجانا على الخط.
_ إلزامية تخصيص الإعتمادات اللازمة للوزارات في ميزانيتها السنوية للاستثمار في هذا المجال.
_ ربط أغلبية حواسب الوزارات بالانترنيت.
_ دمقرطة استعمال الأنترنيت بتحسين الوصول إلى المعلومة في شكلها الرقمي و بتوفير انتشار الشكايات على صعيد التراب الوطني.
_ تطوير التجهيزات الأساسية لإيصال جميع الحواسب بالشبكة العالمية.
ومما لاشك فيه، هو أن تطبيق هذه الأهداف، سيمكن لا محالة من تجسيد إدارة إلكترونية قادرة على إعطاء دفعة قوية لانفتاح المغرب على المعرفة و تحقيق الركيزة الأساسية لإدارة المستقبل و مواكبة التغيرات الدولية.
الفقرة الثانية: التوجه نحو إعلاميات تدبيرية.
إن الإعلاميات تهدف إلى جعل الإدارة تنتقل من وضع تقليدي إلى وضع جديد، يستند بالأساس على كونها وسيلة لإحداث التغيير في ظل ظروف تتطلب هذا التغيير. الشيء الذي فرض على الإدارة توجيه مجهوداتها نحو تحقيق نتائج ملموسة في جل الميادين الإدارية بالأهداف وهذه النتيجة لا يمكن تحققها إلا إذا تغيرت طبيعة العمل الإداري و سلوك وأفكار المتعاملين بالإدارة. فإذا كانت الإعلاميات أداة فعالة في يد الإدارة. إلا أن استخدام الإعلاميات لحد الآن لم يتجاوز إطاره الضيق ولا يعدو أن يكون إخضاع الوسائل التقنية للعمليات التقليدية البسيطة ، المر الذي يدعو إلى النظر في استخدامها لتكون رافدا من روافد تحسين العمل الإداري عن طريق البحث عن كيفية أفضل لتنظيم الإعلاميات داخل الإدارة وعن الأسس الناجعة لهذا التنظيم.
فعندما نتحدث عن كيفية أفضل لتنظيم الإعلاميات داخل الإدارة، فإننا نقصد بذلك كيفية الاستخدام الأمثل للإعلاميات وعناصرها في تحقيق أكبر مردودية على مستوى تحسين العملية الإدارية، فلا يكفى أن تحصل الإدارة على أحدث الأجهزة والأطر ذات الكفاءة و الفعالية، بل لابد من النظر إلى أفضل الصيغ بجعل هذين العنصرين يلعبان دورهما الحقيقي. فسوء استخدام الإعلاميات هي المشكلة البارزة في المنظومة الإدارية والتي تتخبط فيها اغلب الدول الجنينية في مجال التكنولوجيا الحديثة.
إن تضخم الإدارات على أسس عملي أدى إلى إحداث إدارات داخل إدارة الواحدة دون أن يتم تنسيق أو تنظيم أعمالها وعلاقاتها، الأمر الذي يجعل تكرار نفس العمليات و البرامج لا مفر منه في عدة وحدات بالإدارة الواحدة، مما يؤدي إلى استخدام الأطر في عمليات متكررة مع أنه بالإمكان و بقليل من التنظيم و التنسيق الاستفادة منه في أعمال أخرى.
فغياب تنظيم عمل فعال للإعلاميات يأثر على الإدارة ومردوديتها في كيفية تنقل المعلومات بين وحداتها .لنتساءل عن شكل التنظيم الإعلامياتي الذي يجب اختياره لتحقيق تدبير إداري فعال.
إن الأنظمة المعمول بها رغم ما لها من مزايا فإنها لا توفي بالغرض( نظام مركزي و نظام اللامركزية ) عكس النظام التوزيعي الذي يعد أكثرهم تحقيقا للتدبير الإداري الفعال، وذلك بكونه طريقة تمكن من إعطاء المصالح الخارجية للإدارات إمكانية التوفر على نفس المعلومات المتوفرة على الصعيد المركزي و قدرة أكبر على اتخاد القرار ولعله لا يخفي أن هذا من شأنه خلق هياكل تنفيذية أكثر كفاءة على المستوى الجهوي و المحلي خصوصا إذا تم إسناد سلطة اتخاد القرار في بعض المجالات لهذه الوحدات.
فالإعلاميات تصبح بهذه الطريقة من أهم الأدوات لتحقيق سياسة عدم التمركز و اللامركزية، وبالتالي المساهمة أكثر في انفتاح الإدارة على محيطها الداخلي بتمكين هذه الوحدات بالحصول على المعلومات و الإتصال الفعال ضمن بيئة المعالجة الإلكترونية وتأمين الإتصال و تبادل المعلومات و الخبرات بين الأنظمة المختلفة والأنظمة الفرعية المرتبطة بها.
بالإضافة إلى ما سبق فلابد من وضع واستخدام أنظمة ترميز موحدة، بكون أن الترميز يعد من المتطلبات الأساسية في أنظمة المعالجة الآلية للبيانات وهو ما يميزها عن المعالجة اليدوية، فمازالت معظم الإدارات تقوم بصورة مستقلة بترميز بياناتها و بطريقتها الخاصة مما أدى هذا إلى استخدام أنظمة ترميز مختلفة لنفس الموضوع ضمن البلد الواحد. وعلى هذا الأساس فإن أنظمة الترميز الموجودة حاليا متنوعة وتشكل عقبة أمام تحقيق الإنسجامية في الأنظمة المستخدمة، مما يعوق إمكانية الربط وإمكانية تبادل البيانات بين الإدارات المختلفة أفقيا أو عموديا، ولذلك فإنه من الضروري إعادة النظر في أنظمة الترميز المستخدمة بهدف توحيدها ليتم استخدامها من قبل جميع الإدارات و الجهات المعنية.
إن الإهتمام بهذه الأمور لامحال سيؤدي بالإدارات إلى إعطائها دفعة قوية لتنظيم وترشيد أعمالها.
الفرع الثاني: ترشيد استعمال تكنولوجيا المعلومات والإتصال بالإدارة .
إن ظهور المعلوميات اعتبر بحق ثورة أتاحت و شكل كبير إمكانية معالجة و تخزين أحجام كبيرة جدا من المعلومات بسرعة هائلة و تكلفة آخذة في الانخفاض بسبب التطورات المتلاحقة في الميدان، فلم تمض سوى فترة قصيرة على ظهور أجيال الحاسوب حتى أصبحت المعلومات أداة أساسية من أدوات العمل الفكري و الإداري في مختلف الميادين و دعامة أساسية لأية عملية تنموية.
لذلك أصبح من اللازم تحديث عمل الإدارة وعصرنتها عن طريق تطوير متكامل ومتوازن لجميع مكوناتها، وقد وعى المسؤولون بهذا المعطى الهام و أنجزوا مشاريع تصب كلها في اتجاه تحديث وتطوير البنية الإدارية بما ينسجم مع متطلبات التنمية الشاملة للمجتمع ، وما اقتناء تكنولوجيا المعلوميات و استعمالها بكثافة في الحقل الإداري وفي مجالات عديدة إلا مظهرا من مظاهر الاهتمام بالتحديث الإداري.
هذا التحديث لن يتأتى إلا إذا تم ترشيد للمعلوميات، عن طريق التخطيط و التنسيق، ووضع إستراتيجية كفيلة بالنهوض بتكنولوجيا المعلوميات و الإيصال داخل الإدارة المغربية.
الفقرة الأولى: تخطيط استعمال تكنولوجيا المعلومات و الإتصال بالإدارة.
بالرغم من أن الكثير من الدول قد تمكنت من اقتناء الأجهزة والنظم المتطورة في مجال تكنولوجيا المعلومات و الإتصال، إلا أن معظمها لايزال عاجزا عن تحقيق الإستفادة الكاملة من إمكانات هذه الأجهزة و النظم و توظيفها كأداة فعالة في تنمية الموارد المعلوماتية و الاتصالية للمجتمع، ومرد ذلك يرجع إلى مجموعة من القيود و المشكلات التي تعرقل عملية النقل الفعال لهذه التكنولوجيا المتطورة واستخدامها في إحداث تنمية حقيقية، ومن أهمها عدم الإهتمام بضرورة التخطيط والتحضير المسبقين للتمهيد لاستخدام هذه التكنولوجيا و تأمين مستلزمات عملها ، بحيث لا يزال يعتقد الكثيرون بالإمكانات الخيالية لهذه التكنولوجيا وبأن مجرد وجودها سيساهم في حل الكثير من مشكلات العمل، ونتيجة لذلك نرى أن معظم مشاريع استخدام تكنولوجيا المعلومات و الإتصال التي تم تنفيذها في الإدارات افتقرت إلى التخطيط و الإعداد الفنيين اللازمين لتحضير الإدارة و إعادة تنظيمها، كما يتناسب مع متطلبات العمل في ظل استخدام التكنولوجيا الجديدة، كما أنه في حالات عديدة تم الحصول على هذه الأخيرة و إدخالها دون الإهتمام بالاعتبارات المتعلقة بالموارد اللازمة لذلك و كيفية تأمينها بالإضافة إلى عدم وجود تحديد واضح للأوليات في تطبيقات هذه التكنولوجيا سواء على مستوى الوحدات الإدارية أو على مستوى الدولة ككل، الأمر الذي أسفر عنه نتائج سلبية متعددة أهمها :
_ عدم الإهتمام بالتوثيق فيما يتعلق بالبرنامج و الأنظمة و التطبيقات الموجودة لدى كل أداة مما يجعل تطويرها أو تعديلها من الأمور الصعبة.
_عدم وجود معايير ومقاييس نمطية في مجال تكنولوجيا المعلوميات و الإتصال مما أدى إلى قيام كل إدارة باستخدام أنظمة مختلفة و خاصة في مجال التوثيق مما يعوق عملية تبادل هذه الأنظمة.
_ ندرة الأطر الفنية المتخصصة في هذا المجال، وخاصة بالنسبة للأطر التطويرية كالمبرمجين و مهندسي الصيانة القادرين على الارتقاء بمستوى استخدام هذه التكنولوجيا الحديثة بشكل علمي و فعال.
_عدم توفير محيط مؤسساتي وقانوني ملائم ووضع ضوابط و مقاييس موحدة للمواقع الإلكترونية و لعملية تبادل المعلومات و المعطيات بين الإدارات.
_ضعف عملية المكننة الواسعة لجميع المساطر الإدارية في مختلف الوزارات فمن هذه السلبيات الواردة الذكر نستشف أهمية التخطيط كشرط لا غنى عنه للوصول إلى الإستخدام الأمثل لهذه التكنولوجيا الحديثة وتحقيق الغاية المراد منها في المنظومة الإدارية.
ولكي نتحدث عن التخطيط فلابد أن نحدد الأهداف ،فعملية التخطيط في مجال استخدام تكنولوجيا المعلوميات والإتصال تبدأ بوضع الأهداف الأساسية لهذا الاستخدام و التي تعتبر بمثابة نقطة الإنطلاق لتنفيذ المراحل التالية في العملية التخطيطية ، فتحديدها يجب أن يتم على ضوء الخطة العامة للتنمية الإقتصادية و الإجتماعية للدولة خطط تنمية القطاعات المختلفة. كما يجب هنا ترتيب هذه الأهداف وفقا لأولوياتها، وأن تكون صياغتها واضحة، ويمكن قياس مدى تحقيقها قياسا كميا، كتخفيض نفقات المعالجة، إنقاص عدد الموظفين، زيادة إنتاجية العمل، كما يجب أن تأخذ بعين الإعتبار العوامل التالية: _ضرورة ضمان التطوير و الإستخدام الأمثل لهذه التكنولوجيا الحديثة وإمكانية الرقابة عليها بشكل فعال ، وهذا لن يتأتى إلا عن طريق الإنسجامية بين أهداف خطط استخدام تكنولوجيا المعلومات و الإتصال مع أهداف الدولة لتنمية القطاعات.
_ ترتيب أهداف التخطيط في المجال وفقا لأولوياتها.
_ تضمين انتقاء مشاريع استخدام المجال استنادا إلى دراسات تبريرية من الناحية الفنية و الإقتصادية.
_ إعادة النظر في مجموعة كبيرة من السياسات الحكومية و القوانين المنظمة لها وتطويرها بما ينسجم مع متطلبات الإستخدام الأمثل.
الفقرة الثانية: تنمية إستعمال تكنولوجيا المعلومات و الإتصال داخل الإدارة.
إن تكنولوجيا المعلومات و الإتصال غدت صناعة المستقبل الإداري في الدول المتقدمة, وللإسراع بخطى المغرب لكي يتقدم في هذا المجال يجب أولا البعد عن كثرة الدراسات النظري، و الخروج من الندوات و المؤتمرات، بخطة عمل واقعية وواضحة تعمل على تحديد المجالات الواعدة في تكنولوجيا المعلومات و الإتصال و تطبيقاتها و التي تتناسب و إمكانيات المغرب المادية و البشرية.
فالطموح يتجسد في بناء إدارة عصرية منحصرة على مهامها الرئيسية و موحدة الجهود ودائمة الإصغاء لمحيطها ومتوفرة على الوسائل الملبية لحاجياتها الحقيقية و مهتمة بتقديم خدمة عمومية ذات جودة عالية بأقل تكلفة. وللوصل إلى هذا المبتغى، يجب على الإدارة تطوير علاقة الشراكة التي تعتمدها في مجال استعمال تكنولوجيا المعلومات و الإتصال بينها و بين الجماعات المحلية و المؤسسات المهنية، إضافة إلى تطوير وتنمية هذا الإستعمال عن طريق إحداث هيئة تعنى خصوصا بهذه التنمية.
إن معانقة الآفاق الرحبة لتكنولوجيا المعلومات و الإتصال، يتطلب وجود شراكة متكاملة على المستوى الوطني في مجال تنمية و تطوير استعمال هذا المجال.
فانطلاقا من التطور الذي تعرفه تكنولوجيا المعلومات و الإتصال و تأثيرها على المرافق العمومية، بات من الضروري تعزيز الدور التشاركي بين جميع مكونات الإدارة العمومية وذلك لتحقيق الأهداف التالية:
_ تسهيل استعمال اللغة العربية عبر تكنولوجيا المعلومات و الإتصال.
_ تعزيز القدرات التكنولوجية للتدبير الإداري و الموارد البشرية في ميادين الإصلاح الإداري.
_النهوض باستعمال المصالح العمومية للشبكات و المعدات المعلوماتية، لتحسين الخدمات المقدمة و تنمية فعالية للمصالح الإدارية و تطوير أساليب العمل.
_تقليص الفوارق الترابية في استعمال الإعلام و التواصل بين الإدارات.
إن أهمية هذه الأهداف، جعلت من آلية الشراكة و التعاون الشامل ، من المستلزمات الضرورية لتنمية تكنولوجيا المعلومات و الإتصال بالإدارة العمومية.
وعلى هذا الأساس قامت مجموعة من الإدارات باتفاقيات شراكة فيما بينها للنهود بهذا المجال، ومن بين هذه الاتفاقات اتفاقية الشراكة الموقعة بين كتابة الدولة المكلفة بالبريد و تقنيات الإتصال و الإعلام ووزارة الوظيفة العمومية و الإصلاح الإداري.
بالإضافة إلى ما سبق، يجب خلق هيئة تهتم بتنمية استعمال تكنولوجيا المعلومات و الإتصال داخل الإدارة العمومية، وتناط بها مهمة تعزيز القدرات التكنولوجيا للتدبير الإداري، وكذا النهوض باستعمال المصالح العمومية للشبكات و المعدات المعلوماتية لتحسين الخدمات المقدمة ، وتطوير أساليب وطرق عملها.
إن خلق هذه الهيئة لمن شأنه أن يعطي نفسا قويا نحو تنمية مجال تكنولوجيا المعلومات و الإتصال، واستخدامها بشكل فعال و بالتالي الدخول نحو إدارة فعالة على غرار تجارب بعض الدول المتقدمة والمتبنية مفهوم الإدارة الإلكترونية.
الخاتمة:
فإذا كانت تكنولوجيا المعلومات و الإيصال قد دخلت إلى مختلف القطاعات الإدارية منذ أكثر من عشرين سنة، لتكون قاسما مشتركا نخو التطوير والتحديث.إلا أن الاستثمار الفعلي لهذا المجال، لم يرق بعد إلى مصف الدول التي تعتمد التقنيات الحديثة للتواصل كوسيلة لتقديم خدمات ذات قيمة مضافة إلى المرتفقين و المواطنين.
ولعل انعدام الميكانيزمات القاعدية لترشيد تكنولوجيا المعلوميات و الإتصال هي السبب الرئيسي في الحصول على تقنية لا تتناسب مع ظروف الإدارة و معطياتها، وهو الذي جعلها عاجزة عن استيعاب التقنية وإدماجها بصورة تامة في عملها.
فاستخدام تكنولوجيا المعلومات و الإتصال للقيام يالأعمال الروتينية و البسيطة كما هو حاصل في إدارتنا، كان من الممكن القيام بها بالأساليب التقليدية، لو تمت عقلنة هذا الإستخدام، مما يعني و بما لايدع مجالا للشك، أن استعمال هذه التكنولوجيا لم يكن وليد إدراك حقيقي بما يمكن أن يؤدي إليه إن سلبا أو إيجابا، وهو ما أدى إلى ضياع الجهود و الإمكانيات.
وعليه، فإن كان المغرب في محك حقيقي نحو معانقة الآفاق الرحبة لهذه التكنولوجيا الحديثة للإعلام و التواصل لاستخدامها أحسن استخدام، فإن عدم إتباع خطوات محددة لتحقيقه من شأنه تعميق البيروقراطية وتحميل المتعامل مساوئ استخدام التقنية من طرف الإدارة.